عندما تشاهد أصحاب الديانات والشركيات الفاسدة، والمبادئ الخاطئة، وهم يزدحمون على معابدهم، ويقدمون أموالهم ويفنون أعمارهم في سبيل هذه الضلالات.
عندما تشاهد أمة اليهود وعددهم 13 مليون، وهم متنفذون في الدول المؤثرة على صناعة القرار العالمي، ويسيطرون على مؤسسات المال، والتقنية والإعلام.
عندما تشاهد الصين القارة القادمة، وهي تتحرك بكاملها صغيرها، وكبيرها غنيها، وفقيرها جاهلها، وعالمها الكل يكدح، ويصنع ويتطور وينتج.
عندما تطل برأسك على الأمم من حولك تجد هم في حركة وعمل دءوب، حتى الكائنات والمخلوقات الصغيرة، وهي أمم أمثالنا {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء}، فأمة النحل والنمل تحدثت عنها سور كاملة في القرآن، ولنا في جدها ودأبها وإتقانها لعملها وإنتاجها العضة والاعتبار.
وبعد أن تعود من هذه الإطلالة، وتنظر في واقع أمتك تحزن أشد الحزن، فهي تعبد رب عظيم وخالق مدبر رحيم بعباده، يجيب الدعاء ويسمع النداء، وبين يديها كتاب عظيم وسنة ناصعة بيضاء، معها مشروع حياة، وطريق نجاة، ومع ذلك تجدها بعيده عن دينها منغمسة في لهوها.
طبعا الأمة المسلمة فيها نماذج ناصعة يعملون ويكدحون من أجل نهضة هذه الأمة، لكنهم قلة في عددها المليار والأربعمائة، فلا بد من عودة لهذه الأمة، ولابد من وعي وإفاقة لأبنائها، وأن يفرغوا طاقاتهم في سبيل الرقي والنهوض بهذه الأمة، فهم مجدها وعزها وعصب حياتها.. والخطاب لا نحصره عند فئة معينة، ولا نخص به جماعة معينة، ولا نوقفه على الدعاة والمصلحين فقط، وإنما الجميع مطالبون بأن يساهموا في بذل الخير ونشر الفضيلة، في رفعة هذه الأمة وعزتها، وكذلك لابد أن نكون جميعا على مستوى المرحلة وعلى وعي تام بالحدث، وأن نستفيد من جل وسائل التقنية التي لا تخالف تعاليم ديننا، وأن نسخرها في دعوتنا، ونشر قيم وأخلاق وتعاليم هذا الدين العظيم.
فهناك الكثير ليس في الدول الفقيرة بل في الدول الغنية، في أمريكا وأوربا من لم يسمع بهذا الدين، ولا يعرفه أو أنه يعرفه لكنه وصله مشوها؛ لأن هناك منظمات معادية لا هم لها إلا صد الناس ومنعهم عن هذا الدين، ومحاولة تشويهه، وإلصاق التهم به، وتمرير المصطلحات التي تقطر حقدا على الإسلام والمسلمين.. فهؤلاء بحاجة إلى تبليغهم هذا الدين، وعرضه لهم بطريقة واعية صافية ونحن نملك الحقيقة ومعنا كتاب حياة يجيب على كل الأسئلة بينما الكنيسة ترتبك وتتهرب من إحراجات الأسئلة فإنجيلهم مضطرب متعدد يوحنا، مرقس، متى، الأسلوب ركيك، والتحريف ظاهر، وهناك في الغرب عقول كبيرة منصفة، ملت عبث وتخلف الكنيسة، وعندما يقدم لهم هذا الدين بطريقة واضحة، فلاشك أنهم سيدخلون فيه أفواجا، فعلينا أن نبلغ وأن نسمعهم صوت الحق ومنهج الحياة بأسلوب بسيط ميسر، يقرب ولا ينفر، يفصح ولا يغمض، ومهما سقنا من التبريرات والتعليلات والأعذار فلا عذر فجهلهم بهذا الدين هو من تقصيرنا، وبعدنا عنهم، وتركهم لهذه المنظمات القائمة على تشويه الإسلام والمسلمين، فلابد من إنشاء المؤسسات ودعم القائمة وتفعيلها، وعقد الندوات واللقاءات وتأسيس القنوات التي تعرّف بالإسلام وتساهم في نشره.. فعلينا جميعا أن نستيقظ من غفلتنا، وأن نعي واقعنا وأن نقدم خيرا لديننا ولأمتنا {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}.
سطور أخيرة:
أحسن القول أن تدعو إلى سبيل ربك بجل الوسائل المتاحة، وأن تتجدد وتتطور فالحياة متجددة متطورة، وألا تنزوي وتتوقفن وتسرد لنا حزمة من كلمات العجز والكسل، فرغم صعوبة المرحلة وقساوة الأزمة على الأمة، إلا أن تقدم العصر وتطور التقنية فرصة عظيمة لتبليغ رسالة الأمة.
الكاتب: خالد عبد العزيز الحماد.
المصدر: موقع عودة ودعوة.